لما كان القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية المنزلة، وهو الكتاب الذي يحمل الصورة الأخيرة لدين الله، وهو المرجع الأخير في هذا الشأن، المرجع الأخير في عقائد الناس، وشرائعهم ونظام حياتهم(١)، فقد جعله الله الكتاب المهيمن على الكتب المنزلة قبله، فقال جلا وعلا: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)، أي: هو الشهيد والأمين والمؤتمن والرقيب والحاكم على كل كتاب قبله كما أثر ذلك عن ابن عباس وغيره(٢).
يقول العلامة ابن كثير -رحمه الله-: (وهذه الأقوال كلها متقاربة في المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو أمين، وشاهد، وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، وشملها وأعظمها وأحكمها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهدًا وأمينا عليها كلها وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: ٩](٣).
٤- إنه الكتاب الوحيد الذي تحدى الله البشر أن يأتوا بسورة من مثله:
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٠/٣٧٧-٣٧٨).
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/١١٩)