القرآن الكريم معجزة الله الخالدة التي آتاها نبيه -صلى الله عليه وسلم- للدلالة على صدقه ونبوته، فتحدى به الجن والإنس أن يأتوا بمثله فقال: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: ٨٨]، وقال تعالى: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ) [الطور: ٣٤]، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [هود. ١٣].
فلما لم يستطيعوا تحداهم أن يأتوا بسورة فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [يونس: ٣٨] وهذا التحدي من خصائص هذا الكتاب العزيز، ولم يقع لكتاب قبله، لأن الله لم يجعلها معجزة لأنبيائه، وإنما اختص كل نبي منهم بمعجزة رئيسية من جنس ما برع فيه قومه، فكانت معجزة موسى –عليه السلام- إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص لبروز قومه في الطب، ثم جعل معجزة نبينا -صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب الكريم المعجز بنظمه ومعناه فتحدى به العرب مع فصاحتهم وبلاغتهم التي عرفوا بها.
يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله، فأرجو أن أكون أكثر تبعا يوم القيامة"(١).

(١) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي (٩/٣)، رقم الحديث (٤٩٨١).


الصفحة التالية
Icon