فنبينا -صلى الله عليه وسلم- أفضل الخلق قاطبة، وهو سيد البشر، كما أخب عن ذلك -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟"(١) ثم بين -صلى الله عليه وسلم- أنه يشفع للخلق يوم القيامة حين لا يشفع هذه الشفاعة العظمى غيره من الأنبياء والرسول عليهم أفضل الصلاة والسلام، قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشف عنه القبر، وأول من شافع وأول مشفع"(٢)، وهو -صلى الله عليه وسلم- حين يقول ذلك ويخبر به لا يقوله من باب التفاخر والتعالى، فقد صرح بنفي الفخر في رواية أخرى، فقال: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"(٣). وإنما قاله لوجهين.
أحدهما: امتثال قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى: ١١].
والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه -صلى الله عليه وسلم- بما تقتضي مرتبته، كما أمرهم الله تعالى(٤).

(١) أخرجه مسلم كتاب الإيمان، باب أدني الجنة منزلة (١/٨٤، رقم الحديث ٣٢٧).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا محمد على جميع الخلائق (٤/١٧٨٢، رقم ٢٢٧٨).
(٣) أخرجه ابن ماجه كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، (٢/١٤٤٠) رقم الحديث ٤٣٠٨، وصححه الشيخ الألباني. انظر: صحيح ابن ماجه (٢/٤٣٠).
(٤) النووي: شرح صحيح مسلم (١٥/٣٧).


الصفحة التالية
Icon