وإن من أعظم ما به فضل نبي هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه، ما خصه الله به، من عموم البعثة، وشمول الرسالة لجميع الأمم، وليس ذلك لأحد قبله من إخوانه الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام وفي بيان عموم رسالته يقول المولى تبارك وتعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) [الأعراف: ٥٨].
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره -رحمه الله-: (يقول –تعالى ذكره—لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- قا يا محمد للناس كلهم: (نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) لا إلى بعضكم دون بعض، فمن كان منهم أرسل كذلك، فإن رسالتي ليست إلى بعضكم دون بعض، ولكنها إليكم جميعكم)(١).
وقال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) [البقرة: ٢١] وهذا خطاب للأحمر والأسود، والعربي والعجمي، (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) [الأعراف: ١٥٨]، أي جميعكم وهذا من شرفه وعظمته أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة، ثم ذكر بعض الآيات الدالة على ذلك وقال: والآيات في هذا كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصر، وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه صلوات الله وسلامه عليه رسول إلى الناس كلهم)(٢).
ومن الآيات الدالة على عموم رسالته -صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [سبأ: ٢٨]، (... وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: ١٠٧].

(١) انظر: تفسير الطبري (١٣/١٧٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/٤٨٨).


الصفحة التالية
Icon