وقال في حق محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ) [سبأ: ٢٨]، لجميع الناس، بل والجن أيضًا فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- مرسل إليهم أيضًا، وقد بلغهم -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر المولى بذلك في قوله: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنْذِرِينَ* قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الأحقاف: ٢٩-٣١].
وقال الإمام ابن كثير في تفسيره -رحمه الله-: (فيه دلالة على أنه تعالى أرسل محمدًا صلوات الله وسلامه عليه إلى الثقلين الإنس والجن حيث دعاهم إلى الله وقرأ عليهم السورة التي فيها خطاب الفريقين وتكليفهم ووعدهم ووعيدهم، وهي سورة الرحمن ولهذا قال: (أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ)(١).
ومما يدل على مبلغ فضله -صلى الله عليه وسلم- وعلو مقامه، أن الله ختم به النبوات وبرسالته تمت الرسالات، فلا تحتاج البشرية بعده إلى نبي، ولا بعد رسالته ودينه الكامل الشامل إلى رسالة أو دين يقول –عز وجل-: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رَّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب: ٤٠].