وفي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"(١).
وبعد: فإن هذه الأمة إنما حازت قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله، بعثه الله بشرع كامل عظيم، لم يعطه نبيا قبله ولا رسولا من الرسل، فالعمل على منهجه وسبيله، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه(٢).
ولأمة يختار الله أفضل رسله، وأعلاهم مكانة ومنزلة عنده وأحبهم إليه فيبعثه فيها هاديا ونبيا ورسولا لهي أمة حرية بأن تكون خير أمة، لأنها أمة خير الخلق والرسل منه تعلمت وعلى يديه تربت وبه فاقت الأمم(٣).
الوجه الثامن: تقديمها على الأمم في الحشر والحساب يوم القيامة ودخول الجنة مع كونها آخر الأمم:
إن مما يدل على فضل هذه الأمة، كونها خير الأمم ما خصها الله به من التكريم والتشريف وتقديمها على سائر الأمم يوم القيامة في الحشر والحساب، كما قال -صلى الله عليه وسلم- "نحن آخر الأمم، وأول من يحاسب يقال: أين الأمة الأمية ونبيها؟ فنحن الآخرون والأولون"(٤).
وفي الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا، والنصارى بعد غدًا"(٥).
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٢/٧٨).
(٣) انظر: وسطية أهل السنة بين الفرق (٢٣٢).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة (٢/٣٥٤) رقم الحديث (٨٧٦).
(٥) نفس المصدر السابق.