يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: أي: نحن الآخرون زمانا السابقون منزلة، قال: والمراد أن هذه الأمة وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في الآخرة بأنهم أول من يحشر وأول من يحاسب وأول من يقضي بينهم، وأول من يدخل الجنة.
وقيل: المراد بالسبق: إحراز فضيلة اليوم السابق بالفضل وهو يوم الجمعة، ويوم الجمعة وإن كان مسبوقا بسبت قبله أو أحد لكن لا يتصور اجتماع الأيام الثلاثة متوالية إلا ويكون يوم الجمعة سابقا)(١).
وظاهر الحديث يشمل الأمرين، فقد نص على سبقها يوم القيامة، كما هو نص في سبقها في الاهتداء لأفضل الأيام الذي هو يوم الجمعة مع تأخرها عن اليهود والنصارى في الزمان والله تعالى أعلم، وهي كذلك أول الأمم دخولا الجنة، مع كونها آخر الأمم زمانا، وذلك من تكريم الله لها، وتفضيله إياها، يقول -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة"(٢).
الوجه التاسع: كونها أكثر أهل الجنة:
لما كانت هذه الأمة أكثر الأمم استجابة للرسل صلوات الله وسلامه عليهم، حتى كان -صلى الله عليه وسلم- أكثر الأنبياء تابعا، امتازت بأنها أكثر من يدخل الجنة من الأمم، وفي ذلك دلالة جلية على فضلها وخيريتها.

(١) انظر: فتح الباري (٢/٣٥٤).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، (٢/٥٨٥) رقم (٨٥٥).


الصفحة التالية
Icon