فالعدل حق لكل الناس وجميع الناس، لا عدلا بين المسلمين بعضهم وبعض فحسب، ولا عدلا مع أهل الكتاب دون سائر الناس، وإنما هو لكل إنسان بوصفه (إنسان) فهذه الصفة – صفة الناس- هي التي يترتب عليها حق العدل في المنهج الرباني، وهذه الصفة التي يلتقي عليها البشر جميعا، مؤمنين وكفارا، أصدقاء وأعداء، سودًا وبيضا، عربا وعجما، والأمة المسلمة قيمة على الحكم بين الناس بالعدل – متى حكمت في أمرهم-(١).
العدل و اجب على هذه الأمة ولو كان فيه مراغمة لعواطف البغض والعداوة: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهو كذلك واجب لو كان فيه مراغمة لكافة عواطف الحب والمودة والقرابة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ) [النساء: ١٣٥]. والأمة مأمورة بأن تقوم بالعدل والقسط والشهادة لله وليس لأحد سواه، وأن يكون ذلك منهم بدافع التقوى والخوف من الله –عز وجل- حتى يصبح الجميع أمام العدل سواء بدون اعتبار لدوافع الحب والولاء والقرابة، أو البغضاء والشنآن والعداوة، لأنها إنما تقوم بالعدل والقسط بين الناس وبأمر الله، والعدل بهذه الصورة الشاملة، لم تعرفه البشرية قط إلا على يد هذه الأمة، ولم تنعم به البشرية قط إلا تحت حكم الأمة المسلمة.
ثانيا: قيام هذه الأمة بالعدل: