فها هو -صلى الله عليه وسلم- يقيد أصحابه من نفسه في طعنة طعنها إياه بالقدح في بطنه أثناء تسويته الصف للقتال، روى ابن إسحاق(١) أنه -صلى الله عليه وسلم-: (عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح(٢) يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية(٣) وهو مستنتل من الصف، قال ابن هشام(٤): ويقال: مستنصل(٥) من الصف- فطعنه في بطنه بالقدح – وقال: استو يا سواد، فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك بالحق والعدل فأقدني، فكشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بطنه: وقال: "استقد". قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال: "ما حملك على هذا يا سواد؟" قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخير"(٦).

(١) هو العلامة الإخباري أبو بكر القرشي الكلبي مولاهم المدني صاحب السيرة لانبوية ولد عام (٨٠ هـ) وتوفى عام (١٥١هـ) وقال عنه الذهبي: هو أول من دون العلم في المدينة قبل مالك وذويه وكان في العلم بحرًا عجاجا ولكنه ليس بالمجود كما ينبغي. انظر: سير أعلام النبلاء (٧/٣٥).
(٢) القداح: (بكسر القاف وسكون الدال السهم) لسان العرب (٢/٥٥٦).
(٣) هو: سواد بن غزية الأنصاري من بني عدي بن النجار، شهد بدرًا وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- على خيبر. انظر: ابن حجر، الإصابة (٢/٩٥).
(٤) هو أبو محمد عبد الملك بن هشام أيوب الذهلي، وقيل الحميري، وهو الذي قام بتهذيب سيرة ابن إسحاق، وهو من أئمة اللغة والنحو، كان مقيما بمصر، واجتمع بالشافعي توفى عام ٢١٨هـ). انظر سير أعلام النبلاء (١٠/٤٢٩).
(٥) مستنصل: أي خارج، من نصل، بمعنى: خرج: لسان العرب (١١/٦٦٢).
(٦) سيرة ابن هشام (١/٦٢٦) بتحقيق مصطفي السقا وزملائه.


الصفحة التالية
Icon