فإليك صورة أخرى بطلها ليس بخليفة ولا أمير، ولكنه رجل من عامة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة(١)، يكل إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- خرص مزارع خيبر التي تركها -صلى الله عليه وسلم- بيد اليهود، فيحاول اليهود رشوته ليخفف عليهم في الخرص، فيشتد غضبه -رضي الله عنه- أن ساوموه على أمانته وعدالته ويقول مخاطبًا إخوان القردة والخنازير: (يا معشر اليهود: أنتم أبغض الخلق إلي، قتلتم أنبياء الله –عز وجل-، وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم وقد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم وإن أبيتم فلي، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض قد أخذنا فاخرج عنا)(٢).
وأقر اليهود بعدم ظلمه واعترفوا بعدله وإنصافه، فإن قيل هذا صحابي جليل تربى على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فليس ببدع أن يعدل ويحكم بالقسط إذا وكل إليه الحكم في أمر من الأمور.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣/٣٦٧) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح (٤/٢٢).