والمواد التي تجلبه وتقويه أمران: مجمل ومفصل، أما المجمل فهو: التدبر لآيات الله المتلوة: من الكتاب والسنة؛ والتامل لآياته الكونية على اختلاف أنواعها، والحرص على معرفة الحق الذي خلق له العبد، والعمل بالحق؛ فجميع الأسباب مرجعها إلى هذا الأصل العظيم.
وأما التفصيل: فالإيمان يحصل ويقوى بأمور كثيرة، منها بل أعظمها:
أولا: معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله فيها، قال تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: ١٨٠]، فالتأمل في أسمائه وصفاته –سبحانه وتعالى- من منهج الوسطية والإلحاد في أسمائه وصفاته خروج عن منهج الوسطية الذي رسمه القرآن: (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى) [الإسراء: ١١٠]، والذين يصفون الله بغير ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- يلحدون في آيات الله، وهذا انحراف عن الصراط المستقيم (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) [فصلت: ٤٠]، ولذلك فإن الحرص على معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها يزيد الإيمان.
فقد ثبت في الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن لله تسع وتسعين اسما –مائة إلا واحد- من أحصاها، دخل الجنة"(١)، أي من حفظها، وفهم معانيها، واعتقدها وتعبد الله بها دخل الجنة، والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون فاعلم: أن ذلك أعظم ينبوع ومادة لحصول الإيمان وقوته وثباته؛ معرفة الأسماء الحسنى هي أصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها.