وهذه الأحوال التي تتصف بها القلوب: هي أكمل الأحوال وأجل وصف يتصف به القلب وينصبغ به، ولا يزال العبد يمرن نفسه عليها حتى تنجذب نفسه وروحه بدواعيه منقادة راغبة، وبهذه الأعمال القلبية تكمل الأعمال البدنية فنسأل الله أن يملأ قلوبنا من معرفته ومحبته والإنابة إليه، فإنه أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين(١).
لكل صفة من صفات الله أثر في قلب المؤمن:
وقد يظن بعض الذين يدعون العلم، وممن لاحظ لهم من علوم الشريعة، أن معرفة أسماء الله وصفاته لا تؤثر في الإيمان بالله من حيث الزيادة والنقصان، ولا تؤثر في القلوب، ولذلك لا فائدة من معرفتها أو جهلها أو إثباتها أو إنكارها، وقد توسع في هذا الجانب الفلاسفة الذين وصفوا الله تعالى بصفات من عند أنفسهم وأنكروا وجحدوا ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- فانحرفوا عن منهج الوسطية ووقعوا في الإفراط والتفريط وابتعدوا عن الصراط المستقيم ومنهج الاعتدال الذي بينه القرآن الكريم.
ومما لا ريب فيه أنه ليست هناك صفة لله في القرآن أو في السنة إلا وقد ساقها الله تعالى لحكمة ومنفعة وغاية، ولولا ذلك لما ساقها ولما ذكرها لأن كلامه وكلام رسوله ينزه عن العبث واللغو والحشو، ومن ظن أن الله يحشو كلامه بما لا فائدة في ذكره أو لا غاية من ورائه أو لا أهمية فقد أتهم الله بالنقص واللغو.
ولبيان أن لكل صفة من صفات الله أثرًا في قلب المؤمن سنبين ذلك ببعض التفاصيل، من حيث إن لكل صفة في القلب أثرًا يتضح في السلوك البشري، فلا توجد صفة من صفات الله إلا ولها أثر وفائدة، وإنما الذي ينكر الأثر هم الجهلة والجاحدين، أما علماء أهل السنة والجماعة فبينوا ذلك الأمر بيانا أوضح من الشمس في رابعة النهار.
أثر صفة العظمة: