وهذه الصفة مشتقة من اسمه تعالى العظيم، والعظمة صفة من صفاته لا يقوم لها خلق، والمقصود أن عظمة الله سبحانه لا يمكن أن يتصف بها أحد من خلقه والله خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضا، فمن الناس من يعظم لمال، ومنهم من يعظم لعلم، ومنهم من يعظم لسلطان، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم لمعنى دون معنى، والله -عز وجل-: يعظم في الأحوال كلها، فينبغي لمن عرف حق عظمته سبحانه أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله.
فإذا شعر العبد بعظمة الله خاف مولاه واتقاه ورغب في مرضاته –سبحانه تعالى- والحديث الدال على صفة العظمة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "يقول تبارك وتعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار"(١).
أثر صفة يد الله:
ومن الصفات التي جحدتها قلوب النفاق وأنكرها الزنادقة قديما، وصف الله نفسه سبحانه بأن له يدين، وهذا ما قد مدح الله به نفسه في آيات كثيرة من كتابه، وقد مدحه بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة وهي تدخل في صفات الله الذاتية، وقد بين سبحانه في الآيات والأحاديث عظمة عطائه وسعة فضله وأن يده الكريمة جل وعلا دائمة العطاء والإنفاق، وفي مجال قوته وجبروته وبطشه وكمال قدرته وبيان عظمته أن السماوات والأرض يوم القيامة تكون بيمينه: (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: ٦٧].
ولا شك أن أثر الإيمان بهذه الصفة في قلب المؤمن عظيم؛ لأنه يورث القلب المهابة لله والخوف منه وتعظيم أمره وشأنه، وأنه لا مفر من قبضته، ولا ملجأ منه إلا إليه.