عاشرًا: ومن أهم مواد الإيان ومقوماته توطين النفس على مقاومة ما ينافي الإيمان من شعب الكفر والنفاق والفسوق والعصيان، فقد ذكر الله –سبحانه وتعالى- في كتابه الأسباب المقوية المنمية للإيمان ووضحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك بين المولي -عز وجل-: الموانع والعوائق وأرشد إلى دفعها: وهي الإقلاع عن المعاصي، والتوبة مما يقع منها، وحفظ الجوارح كلها عن المحرمات، ومقاومة فتن الشبهات القادحة في علوم الإيمان المضعفة له، والشهوات المضعفة لإرادات الإيمان، فإن الإرادات التي أصلها الرغبة في الخير ومحبته والسعي فيه، لا تتم إلا بترك إرادات ما ينافيها من رغبة النفس في الشر، ومقاومة النفس الأمارة بالسوء. فمتى حفظ العبد من الوقوع في فتن الشبهات وفتن الشهوات تم إيمانه وقوى يقينه(١).
فالعبد المؤمن الموفق لا يزال يسعى في أمرين: أحدهما: تحقيق أصول الإيمان وفروعه والتحقق بها علما وعملا وحالا، والثاني: السعي في دفع ما ينافيها وينقصها أو ينقصها من الفتن الظاهرة والباطنة؛ ويداوي ما قصر فيه من الأول، وما تجرأ عليه من الثاني بالتوبة النصوح، وتدارك الأمر قبل فواته. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: ٢٠١]، أي: مبصرون الخلل الذي وقعوا فيه، والنقص الذي أصابهم من طائف الشيطان، الذي هو أعدى الأعداء للإنسان، فإذا أبصروا تداركوا هذا الخلل بسده، وهذا الفتق برتقه، فردوا إلى حالهم الكاملة، وعاد عدوهم حسيرا ذليلا، وإخوان الشياطين (يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ) [الأعراف: ٢٠٢].

(١) التوضيح والبيان (٦١).


الصفحة التالية
Icon