فوجود الملائكة ثابت بالدليل القطعي الذي لا يمكن أن يلحقه أدنى شك. ومن هنا كان إنكار وجودهم كفراً بنص القرآن العظيم، فقد قال –عز وجل-: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) [النساء: ١٣٦].
والذي يجمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تكلمت عن الملائكة وأوصافهم وأعمالهم وأحوالهم يلاحظ: أنها تناولت في الغالب ما يبين علاقتهم بالخالق سبحانه وبالكون والإنسان. فعرّفنا سبحانه من ذلك على ما ينفعنا في تطهير عقيدتنا وتزكية قلوبنا وتصحيح أعمالنا.
وأما حقيقة الملائكة، وكيف خلقهم، وتفصيلات أحوالهم، فقد استأثر سبحانه بها وهذا من وسطية القرآن وحكمة الرحمن وحكمة الرحمن حيث سبحانه وتعالى يعرّف الناس في حدود ما يحتاجون إليه، ويصلح أحوالهم في المعاش والمعاد وما تطيقه عقولهم، فالله -سبحانه وتعالى- لم يطلعنا على جميع المغيبات، سواء منها ما تعلق بجلالة وصفاته وأسمائه وما تعلق بمخلوقاته الغيبية. والمؤمن الصادق يقرّ بكل ما أخبر به الخالق محملاً أو مفصلاً، ولا يزيد على ذلك ولا ينقص منه ولا يتكلف البحث عن ما لم ينفعه ولا يخوض فيه(١).
المبحث الأول
صفات الملائكة الخَلْقِيَّة

(١) الإيمان: لمحمد نعيم ياسين (٤٧).


الصفحة التالية
Icon