إن الخالق –عز وجل- لم يخبرنا من صفاتهم الخَلقية إلا النَّزْر القليل فأخبرنا سبحانه أنهم خُلِقوا قبل آدم، إذ ورد في القرآن أن الله أخبرهم بأنه سيخلق الإنسان، ويجعله في الأرض، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: ٣٠].
وأما المادة التي خلقوا منها، فقد أخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الله خلقهم من نور، فقد أخرج مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)(١)، وتدل النصوص في مجموعها على أن الملائكة مخلوقات نورانية ليس لها جسم مادي يدرك بالحواس الإنسانية، وأنهم ليسوا كالبشر فلا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتزاوجون. مطهرون من الشهوات الحيوانية، ومنزهون عن الآثام والخطايا ولا يتصفون بشيء من الصفات المادية التي يتصف بها أبن آدم(٢).
أ-لهم القدرة على التشكّل:
غير أن لهم القدرة على أن يتمثلوا بصور البشر، بأذن الله تعالى كما أخبر الله
–عز وجل- عن جبريل عليه السلام أنه جاء مريم في صورة بشرية، فقال تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) [مريم: ١٦-١٧].

(١) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب أحاديث متفرقة (٤/٢٢٩٤).
(٢) شرح ملا علي القاري على الفقه الأكبر (١١).


الصفحة التالية
Icon