وقد وجدت كلاما نفسيًا جامعًا لابن القيم في كتابه (إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان) عن علاقة الملائكة بالإنسان. فقال: (والملائكة الموكلة بالإنسان من حين كونه نطفة إلى آخر أمره، لهم وله شأن آخر: فإنهم موكلون بتخليقه ونقله من طور إلى طور، وتصويره وحفظه في أطباق الظلمات الثلاث، وكتابة رزقه و عمله، وأجله وشقاوته، وسعادته وملازمته في جميع أحواله، وإحصاء أقواله وأفعاله وحفظه في حياته، وقبض روحه عند وفاته، وعرضها على خالقه وفاطره، وهم الموكلون بعذابه ونعيمه في البرزخ وبعد البعث، وهم الموكلون بعمل آلات النعيم والعذاب، وهم المثبتون للعبد المؤمن بإذن الله والمعلمون له ما ينفعه، والمقاتلون الذابون عنه، وهم أولياؤه في الدنيا والآخرة، وهم الذين يعدونه بالخير ويدعونه إليه، وينهونه عن الشر ويحذرونه منه، فهم أولياؤه وأنصاره، وحفظته ومعلموه وناصحوه، والداعون له، والمستغفرون له، وهم الذين يصلون عليه ما دام في طاعة ربه، ويصلون عليه ما دام يعلم الناس الخير، ويبشرونه بكرامة الله في منامه وعند موته ويم بعثه، وهم الذين يزهدونه في الدنيا ويرغبونه في الآخرة، وهم الذين يذكرونه إذا نسي وينشطونه إذا كسل، ويثبتونه إذا جزع، وهم الذين يسعون في مصالح دنياه وآخرته، فهم رسل الله في خلقه وأمره، وسفراؤه بينه وبين عباده تتنزل بالأمر من عنده في أقطار العالم وتصعد إليه بالأمر)(١).
وكل الذي قاله ابن القيم -رحمه الله-: استنبطه من كتاب الله وما صح من الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ج- عدد الملائكة:

(١) انظر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، (٢/١٢٥).


الصفحة التالية
Icon