ولنتساءل بماذا يفتخر المتكبر؟ هل بملاحته وقوته؟ إن الجمال يزول، وأقل مرض يضعفه، وكل يوم يفعل الزمان فعله بجسده إلى أن يصبح بعد سن الشباب موضع الضعف والهرم، وإن تباهي بماله وغناه فليعلمن أن الموت لا يفرق بين الغني والفقير، وإن الإنسان سيترك كل ما يملك إلى غيره، لهذا جاءت وصايا القرآن تنهي عن الاختيال.
قال تعالى: (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) [الإسراء: ٣٧]، أي لا تمشي متبخترا كمشي الجبارين فإنك لن تخرق الأرض بمشيك وشدة وطئك، ومهما شمخت بأنفك فلن تبلغ الجبال ارتفاعا.
ويقول تعالى في النهي عن التكبر: (وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: ١٨].
أي لا تعرض عنهم بوجهك إذا كلمتهم أو كلموك احتقارًا له واستكبارا والأحاديث في ذم خلق الكبر كثيرة، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضاعف، لو أقسم على الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر"(١).
وأشد الكبر الذي فيه من يتكبر على العباد بعلمه، ويتعاظم في نفسه بفضيلته، فإن هذا لم ينفعه علمه، ومن طلب العلم للفخر والرياسة وبطر المسلمين فهذا من أكبر الكبر، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر(٢).
٢- ذم خلق العجب والغرور:
(٢) انظر: كتاب الكبائر (٨٧).