١- امتن الله على هذه الأمة في الكتاب العزيز بأن وضع عنها الإصر والأغلال التي كانت على من قبلها، ولم يحملها ما حمل من قبلها، فكان ذلك مظهرا من مظاهر وسطية هذا الدين(١)، يقول تعالى في وصف نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في كلامه -عز وجل- مع قوم موسى -عليه السلام-: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) [الأعراف: ١٥٧] كما من جملة دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين: (حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا) [البقرة: ٢٨٦]، وقد جاء في الحديث: "قال الله قد فعلت"، وفي رواية: "قال: نعم"(٢).
والإصر: هو العهد الثقيل الذي في تحمله أشد المشقة، والأغلال: هي الشدائد التي كانت في عبادتهم، روى الطبري عن الربيع في قوله تعالى: (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) [البقرة: ٢٨٦]، يقول: التشديد الذي شددته على من قبلنا من أهل الكتاب.
وقال مال: الإصر: الأمر الغليظ(٣).
وقال سعيد: الإصر: شدة العمل(٤).
وقال مجاهد: من اتبع محمدًا من أهل الكتاب، وضع عنهم ما كان عليهم من التشديد في دينهم(٥).
وفي آيتي البقرة والأعراف إشارة إلى أنه -عليه السلام- قد جاء بالتيسير والسماحة والوسطية، ودلت آية الأعراف على أن شريعتنا أسهل الشرائع، وأنه وضع عن أمتنا كل إصر وثقل كان في الأمم الماضية(٦).

(١) الوسطية في ضوء القرآن (١٥٥).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان باب إن الله لا يكلف إلا ما يطاق (١/١٦ رقم ١٢٦).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٥/٨٥).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٥/٨٥).
(٥) انظر: المرجع السابق (٩/٨٥).
(٦) انظر: تفسير القاسمي (٧/٢٨٨٢).


الصفحة التالية
Icon