الأول: قوله تعالى (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة: ٢٨٦].
الثاني: قوله: (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) [البقرة: ٢٨٦].
وقوله تعالى: (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ) [البقرة: ٢٨٦].
قال البقاعي(١) تعليقا على هذه الآية: (وقد عرف الله عبادة المؤمنين مواقع نعمه من دعاء رتبه على الأخف على سبيل التعلي، إعلاما بأنه لم يؤاخذهم بما اجترحوه نسيانا، ولا بما قارفوه خطأ، ولا حمل عليهم ثقلا، بل جعل شريعتهم خفيفة سمحة، ولا حملهم فوق طاقتهم، مع أنه له جميع ذلك، وأنا عفا عنهم في سترهم فلم يخجلهم بذكر سيئاتهم)(٢).
قال الدكتور صالح بن حميد معلقا على آيات عدم التكليف بما لا يطاق: ولا شك أن الأحكام الشرعية إذا كانت مطلوبة في حدود الوسع والاستطاعة دون بلوغ غاية الطاقة، ففي ذلك الدلالة الظاهرة على أن الحرج مرفوع، وأن الشريعة مبنية على التيسير، وعدم التعسير، فهي حنيفية سهلة سمحة (وسطية) (فلله الحمد والمنة)(٣).
وقال الإمام الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) [البقرة: ٢٨٦].
فيتعبدها إلا بما يسعها، فلا يضيق عليها، ولا يجهدها(٤).
ففي كلام الطبري -رحمه الله- الدلالة على أن هناك تكليفا وأمرا بالتعبد، ولكنه في حدود الوسع والطاقة، لا تضييق فيه ولا إجهاد، وهذه حقيقة الوسطية.
(٢) رفع الحرج في الشريعة (٧٣).
(٣) رفع الحرج في الشريعة (٧٣).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٣/١٥٤).