بعد طلاق زيد(١) لها، قال سبحانه: (لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا) [الأحزاب: ٣٧].
قال الدكتور صالح بن حميد: (إن رفع الحرج، والسماحة والسهولة راجع إلى الوسط والاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط، فالتنطع والتشديد حرج في جانب عسر التكاليف والإفراط والتفريط حرج فيما يؤدي إليه من تعطل المصالح وعدم تحقيق مقاصد الشرع قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) [البقرة: ١٤٣]، فالتوسط هو منبع الكمالات والتخفيف والسماحة ورفع الحرج على الحقيقة هو في سلوك طريق الوسط والعدل)(٢).
فالله –سبحانه وتعالى- لم يكلف عباده ما لا يطيقون، وما ألزمهم بشيء يشق عليهم إلا جعل الله لهم فرجا ومخرجا، ولقد كانت الشدائد والعزائم في الأمم، فأعطى الله هذه الأمة من المسامحة واللين ما لم يعط أحدًا قبلها، رحمة من الله وفضلا.
يقول ابن العربي(٣): (ولو ذهبت إلى تعديد نعم الله في رفع الحرج لطال المرام)(٤).
وقال رشد رضا في تفسير آية المائدة: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ) [المائدة: ٦]، أي ما يريد الله ليجعل عليكم فيما شرعه لكم في هذه الآية ولا في غيرها أيضًا حرجا ما. أي أدنى ضيق وأقل مشقة، لأنه –تعالى- غني عنكم، رؤوف رحيم بكم، فهو لا يشرع إلا ما فيه الخير والنفع لكم)(٥).
(٢) رفع الحرج في الشريعة (١٣).
(٣) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الإشبيلي المالكي، صاحب المصنفات، كأحكام القرآن، توفى بالقرب من فاس، ودفن بها عام (٥٤٣هـ). انظر: الأعلام: (٦/٢٣٠).
(٤) أحكام القرآن (٣/١٢٩٣).
(٥) انظر تفسير المنار (٦/٢٥٨).