هذا دفاع عظيم في قضية تعدد الزوجات وتعمدت الإطالة في هذا المبحث لما ظهرت من آراء وأفكار مستوردة من الغرب للهجوم على الشريعة الغراء، وقد أعجبني كلام نفيس للأديب المفكر سيد قطب -رحمه الله- في ظلال القرآن عندما قال: (إن الإسلام نظام للإنسان، نظام واقعي إيجابي يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه، ويتوافق مع واقعه وضروراته، ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان وشتى الأحوال.
إنه نظام واقعي إيجابي، يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه، ومن موقعه الذي هو عليه، ليرتفع به في المرتقى الصاعد، إلى القمة السامقة في غير إنكار لفطرته أو تنكر، وفي غير إغفال لواقعه أو إهمال، وفي غير عنف في دفعه أو اعتساف.
إنه نظام لا يقوم على الحذلقة الجوفاء؛ ولا على التطرف المائع، ولا على المثالية الفارغة، ولا على الأمنيات الحالمة، التي تصطدم بفطرة الإنسان وواقعه وملابسات حياته، ثم تتبخر في الهواء، وهو نظام يرعى خلق الإنسان، ونظافة المجتمع، فلا يسمح بإنشاء واقع مادي من شأنه انحلال الخلق، وتلويث المجتمع، تحت مطارق الضرورة التي تصدم بذلك الواقع، بل يتوخى دائما أن ينشئ واقعا يساعد على صيانة الخلق، ونظافة المجتمع، مع أيسر جهد يبذله الفرد ويبذله المجتمع، فإذا استصحبنا معنا هذه الخصائص الأساسية في النظام الإسلامي، ونحن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات، فماذا ترى؟