الاحتمال الأول ضد الفطرة، وضد الطاقة، بالقياس إلى المرأة التي لا تعرف في حياتها الرجال، ولا يدفع هذه الحقيقة ما يتشدق به المتشدقون، من استغناء المرأة عن الرجل بالعمل والكسب، فالمسألة أعمق بكثير مما يظنه هؤلاء السطحيون المتحذلقون، المتطرفون الجهال عن فطرة الإنسان، وألف عمل، وألف كسب لا تغني المرأة عن حاجتها الفطرية إلى الحياة الطبيعية، سواء في ذلك مطالب الجسد والغريزة، ومطالب الروح والعقل، من السكن والإنس بالعشير، والرجل يجد العمل ويجد الكسب، ولكن هذا لا يكفيه؛ فيروح يسعى للحصول على العشيرة، والمرأة كالرجل –في هذا- فهما من نفس واحدة.
والاحتمال الثاني ضد اتجاه الإسلام النظيف، وضد قاعدة المجتمع الإسلامي العفيف؛ وضد كرامة المرأة الإنسانية، والذين لا يحلفون أن تشيع الفاحشة في المجتمع، هم أنفسهم يتعالون على الله، ويتطاولون على شريعته، لأنهم لا يجدون من يردعهم عن هذا التطاول، بل يجدون من الكائدين لهذا الدين كل تشجيع وتقدير.
والاحتمال الثالث: هو الذي يختاره الإسلام رخصة مقيدة –لمواجهة الواقع الذي لا ينفع فيه هز الكتفين، ولا تنفع فيه الحذلقة والادعاء –يختاره متمشيا مع واقعيته الإيجابية، في مواجهة الإنسان كما هو بفطرته وظروفه وحياته – ومع رعايته للخلق النظيف والمجتمع المتطهر، ومع منهجه في التقاط الإنسان من السفح، والرقي به في الدرج الصاعد إلى القمة السامقة، ولكن في يسر ولين وواقعية)(١).
وعدد -رحمه الله- أسباب التعدد بأسلوبه المتميز وأدبه الرفيع وحججه الدامغة وأقام الحجة على المغرضين المتلوثين بالأمراض الفكرية الغربية.
دراسة مهمة عند التعدد في إفريقيا:

(١) في ظلال القرآن (٥٨٠-٥٨١).


الصفحة التالية
Icon