ثم يورد أسبابا دقيقة لوجود الزيادة الدائمة في عدد النساء على عدد الرجال، ثم يقول: (وكانت بعض الشعوب تتخلص من النساء بوأدهن وقد عرف ذلك في الرومان، واليونان، وعرب الجاهلية، ولكن التعدد الذي لجأت إليه الشعوب الإفريقية أدى إلى امتصاص أي عدد زائد من النساء)(١).
إلى هنا يتضح أن تعدد الزوجات ضرورة حياة لهذا الشعوب، فماذا كانت نتيجة حكم الله -عز وجل- الذي يقوم على العلم والحكمة؟ وماذا كانت نتيجة شريعة الكنيسة المبتدعة؟ وقوانين الغرب المحرمة للتعدد؟
ويقول صاحب كتاب تعدد الزوجات لدى الشعوب الإفريقية عن التعدد إنه:
(نظام تذهب جذوره بعيدًا في أعماق الحياة الإفريقية، وليس من السهل على الإفريقيين التخلي عنه طالما بقيت الأسباب والظروف التي دعتهم وتدعوهم إلى ممارسته، ومن هنا كان ترحيبهم بالإسلام وانتشاره بينهم انتشارا سريعا، على الرغم من عدم وجود حركة تبشيرية منظمة وراءه)(٢).
وهذا الكلام لا يستقيم في أسباب انتشار الإسلام وحده؛ لأن من أسباب انتشار الإسلام لكونه دين الفطرة وعقيدته سهلة وأحكامه تنسجم مع أحوال البشر، كما كانت حركة الفتح الإسلامي منظمة ومرتبة ثم يتحدث المؤلف عن أمر بالغ الخطورة ينبغي أن يعيه كل مسلم، ليعلم عن تجربة عظمة هذه الشريعة التي شرفنا الله بها، مهما بدا لصغار النفوس والعقول من رأي في بعض مبادئها فقد تناول الاحتلال وجيوشه، المجهزة بإغراءات مادية كثيرة لجذب الشعوب الإفريقية إلى كنائسها، ولكنها تصطدم اصطداما مروعا بضرورة الحياة في المجتمع الإفريقي، حين تطلب من أهله أن يتخلوا عن التعدد بحكم الدين(٣).
(٢) المرجع السابق (٦٩).
(٣) انظر: المنهاج القرآني في التشريع، لعبد الستار فتح الله (٥٨٤).