يقول الله تعالى ما معناه: الأزواج المطلقات اللواتي طلقهن أزواجهن لسبب من الأسباب على هؤلاء انتظار مدة من الزمن هي مدة (ثلاثة أطهر) أو (ثلاثة حيض) لمعرفة براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب.
وأزواجهن أحق بهن في الرجعة من الأجانب إذا لم تنقض عدتهن، وكان الغرض من هذه الرجعة (الإصلاح) لا (الإضرار) ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على ازواجهن، مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أمر الله -عز وجل-، وللرجال عليهن درجة القوامة، والإنفاق والإمرة والطاعة.
ثم بين تعالى أن الطلاق الذي تجوز به الرجعة مرتان، فإن طلقها الثالثة فلا تحل له حتى تتزوج بعده بزوج آخر، أما إذا لم يكن الطلاق ثلاثا فله أن يراجعها إلى عصمة نكاحه، فإما أن يمسكها بالمعروف فيحسن معاشرتها وصحبتها، وإما أن يطلق سراحها لتتزوج بمن تشاء لعلها تسعد بالزواج الثاني (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ) [النساء: ١٣٠].
ولا يحل الله لكم أيها الرجال تأخذوا مما دفعتم إليهن من المهور شيئا؛ لأنكم قد استمتعتم بهن إلا إذا خفتم سوء العشرة بين الزوجين، وأرادت الزوجة أن تختلع بالنزول عن مهرها أو بدفع شيء من المال لزوجها حتى يطلقها فليس هناك جناح من أخذ الفداء، ثم بين تعالى أنه إذا طلقها الثالثة بعد أن راجعها مرتين، فلا تل له إلا بالزواج بزوج آخر، بعد أن يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته، فإن طلقها الزوج الثاني فلا بأس أن تعود إلى زوجها الأول إن كان ثمة دلائل على الوفاق والتلاق، ثم أمر الأولياء بألا يمنعوا المرأة من العودة إلى زوجها إذا رغبت في العودة، لا سيما إذا صلحت الأحوال وظهرت أمارات الندم على الزوجين في استئناف الحياة الفاضلة والعيشة الكريمة(١).

(١) انظر: روائع البيان تفسير آيات الأحكام (١/٣٠٠).


الصفحة التالية
Icon