٣- فإذا لم يعد أحدهما يعد يحتمل الآخر، ويصبر على الخلاف معه، واشتد الخلاف بينهما بحيث يخشى من الشقاق والافتراق، أوجب الإسلام أن يحكم أهلهما في هذا الخلاف، فيختار الزوج واحدًا يمثله، وتختار الزوجة واحدًا يمثلها ويجتمعان كمحكمة عائلية ينظران في أسباب الخلاف وعوامله، ويحاولان إصلاح الأمور بينهما بما يستطيعان، ولا ريب في أن كلا من الزوجة والزوجة إذا كان راغبا في إنهاء الخلاف وعودة الوئام بينهما إلى سابق عهده فإن الحكمين سينجحان في مهمتهما، وهذا ما تحدث عن القرآن الكريم بقوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا) [النساء: ٣٥].
فإذا لم ينفع التحكيم وأصر كل من الطرفين على موقفه، أجاز الإسلام أن يقع الطلاق بين الزوجين لمرة واحدة تعتد فيها الزوجة في بيت الزوجية مدة تقارب ثلاثة أشهر ويعرف ذلك في محله في كتب الفقه، وفي خلال العدة تعيش الزوجة في بيت الزوجية، إلا أن زوجها لا يعاشرها معاشرة الأزواج، والحكمة من جعل العدة بهذا الشكل هو ترك الفرصة الكافية لإعادة الصفاء وزوال أثر الخلاف السيئ على حياتهما وحياة أولادهما، فلعلهما يعودان عن الخصام والنزاع، ويعود الهدوء والحب إلى جو الأسرة.
هذا مع أن الإسلام أجاز إيقاع الطلاق في هذه الحالة كأمر لا مفر منه فإنه يراه مكروها، وينفر منه أشد التنفير ويجعله أبغض الحلال إلى الله(١).

(١) المرأة بين الفقه والقانون، للدكتور مصطفي السباعي (١٢٥).


الصفحة التالية
Icon