إن الله –سبحانه الله- بين في آيات الطلاق أن الطلاق في يد الزوج ولم يجعله في يد المرأة ولم يجعله في يد القاضي إلا إذا كان بطلب المرأة، قد يقول القائل: (إن الطريق المثلي إذا كان الزوجان غير متفقين في الطلاق أن يكون بيد القاضي ليس لأحدهما أن ينفرد به؛ لأن القاضي ناظر غير متحيز، ولأن العقد الذي ينشئ حقوقا لازمة لا تبطله الإرادة المنفردة، ولأنه جعل بيد أحدهما لانفصم العقد بنوبة غضب عارضة فإذا جاء الندم كان في غير وقته.
وإن لذلك مكانا من الفكر، قد أخذت به شرائع ولكنه لا يستقيم إلا إذا كانت أمور النفوس وخفايا القلوب يمكن أن تثبت بالدليل الظاهري، لأن القاضي لا يقضي إلا بما تثبته الأمارات والبينات، ثم إن القضاء إنما ينظر فيما هو أحق أو ظلم ليقر الحق ويمنع الظلم، والمسألة في الحياة الزوجية ليست مسألة ظالم ومظلوم، وإنما هي صلاحيتها للبقاء بإمكان استمرار المودة، أو عدم صلاحيتها، فمثلا إذا تقدم الزوج طالبا الطلاق لأنه أصبح ببغض زوجه، وأن حبل المودة قد تقطع بينهما، وأنه حاول إصلاح الأمر –فلم يفلح- أفيطلق القاضي أم لا يطلق؟
لا شك أن الطلاق في هذا الحال أمر لا بد منه، ولكن ما الفرق بين إيقاع القاضي الطلاق وإيقاعه هو؟ وإذا كان سبب الطلاق أمرًا غير الحب والبغض فهل من المصلحة الاجتماعية أن تنشر دخائل الأسر في دور القضاء، وتسجل في سجلاته، ومنها ما لا يسوغ إعلانه...)(١).
وبذلك تكون الأضرار عظمية من فضح الأسرار الزوجية أمام المحكمة والمحامين عن الطرفين، وقد تكون هذه الأسرار مخزنة، من الخير لأصحابها سترها لنتصور أن رجلا اشتبه في سلوك زوجته، وتقدم إلى المحكمة طالبا طلاقها لهذا السبب، كما تكون الفضائح في هذا الموضوع، وكم يكون مدى انتشارها بين الأقرباء والأصدقاء والجيران وبعض الصحف التي تتخذ من مثل هذه القضايا مادة للرواج؟