إن المحاكم في بعض البلاد الغربية لا تحكم بالطلاق إلا إذا ثبت زنى الزوج أو الزوجة، وكثيرا ما يتواطئان فيما بينهما على الرمي بهذه التهمة ليفترقا، وقد يلفقان شهادات ووقائع مفتعلة لإثبات الزنى حتى تحكم المحكمة بالطلاق.
فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة، أن يتم الطلاق بدون فضائح، أم أن لا يتم إلا بعد الفضائح؟(١).
وأما عطاء المرأة وحدها حق الطلاق، فيه خسارة مالية للرجل وزعزعة لكيان الأسرة، والمرأة لا تخسر ماديا بالطلاق؛ بل تربح مهرا جديدا، وبيتا جديدا، وعريسا جديدا، وإنما يخسر الرجل الذي دفع المهر للمرأة ويقوم بنفقه البيت والأولاد، وقد دفع نفقات العرس، وثمن أثاث البيت، فإذا أعطيت المرأة حق الطلاق بمجرد إرادتها سهل عليها أن توقعه متى اختصمت مع الزوج نكاية به ورغبة ي تغريمه، سيما وهي سريعة التأثر، شديدة الغضب، لا تبالي كثيرا بالنتائج وهي في ثورتها وغضبها، ولنتصور رجلا اختلف مع زوجته فإذا هي تطلقه وتطرده من البيت وهو صاحبه ومنفق عليه(٢).
ويعجبني في هذا المقام ما قاله العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره حيث قال: (ومن هدي القرآن للتي هي أقوم) جعله الطلاق بيد الرجل، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) [الطلاق: ١]، ونحوها من الآيات؛ لأن النساء مزارع وحقول، تبذر فيها النطف كما يبذر الحب في الأرض، كما قال تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ) [البقر: ٢٢٣].

(١) انظر: المرأة بين الفقه والقانون (١٢٨-١٢٩).
(٢) انظر المرجع السابق (١٢٧-١٢٨).


الصفحة التالية
Icon