ولا شك أن الطريق التي هي أقوم الطرق: أن الزارع لا يرغم على الازدراع في حقل لا يرغب الزراعة فيبه؛ لأنه يراه غير صالح له، والدليل الحسي القاطع ما جاء به القرآن من أن الرجل زارع، والمرأة مزرعة وأن آلة الازدراع مع الرجل؛ فلو أرادت المرأة أن تجامع الرجل وهو كاره لها، لا رغبة له فيها لم ينتشر، ولم يقم ذكره إليها فلا تقدر منه على شيء، بخلاف الرجل فإنه قد يرغمها وهي كارهة فتحمل وتلد؛ فدلت الطبيعة والخلقة على أنه فاعل وأنها مفعول به ولذا أجمع العقلاء على نسبة الولد له لا لها. وتسوية المرأة بالرجل في ذلك مكابرة في المحسوس كما لا يخفى)(١).
وأما الدكتور مصطفي السباعي(٢) -رحمه الله- فيقول: (وجعل الطلاق بيد الرجل وحده، وهو الطبيعي المنسجم مع واجباته المالية نحو الزوجة والبيت، فما دام هو الذي يدفع المهر ونفقات العرس والزوجية، كان من حقه أن ينهي الحياة الزوجية إذا رضي ويتحمل الخسارة المالية والمعنوية الناشئين في رغبته في الطلاق والرجل في الأعم الغالب أضبط أعصابًا، وأكثر تقديرا للنتائج في ساعات الغضب والثورة، وهو لا يقدم على الطلاق إلا عن يأس من إمكان سعادته الزوجية مع زوجته ومع علم ما يجره الطلاق من خسرة، وما يقتضيه الزواج الجيد من نفقات، فقل أن يقدم عليه إلا وهو على علم تام بالمسؤولية، وعلى يأس تام من استطاعته العيش مع زوجته، لذلك نجد أن إعطاء الرجل وحده حق الطلاق طبيعي ومنطقي ومنسجم)(٣).

(١) أضواء البيان (٣/٤١٤ – ٤١٥).
(٢) هو مصطفى حسني السباعي من حمص ببلاد الشام، ولد عام ١٩١٧م، وتوفى عام ١٩٦٤م، من كبار الإخوان المسلمين بسوريا ترك مؤلفات في الجانب الشرعي، ومن أشهرها السنة ومكانتها في التشريع.
(٣) المرأة بين الفقه والقانون (١٢٩-١٣٠).


الصفحة التالية
Icon