وعلى الزوج بعد ذلك أن ينفق على الزوجة حتى تستوفي عدتها وتصبح بذلك أهلا للزواج من غيره، وقبل أن تدخل في وسطية القرآن الكريم في فرض العدة على المرأة المطلقة وأحكامها وحكمتها نتكلم في وسطية القرآن في المتعة وعن مرونة أحكام الله في الطلاق، قال تعالى في شأن المطلقات: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: ٢٣٦].
وقال تعالى: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة: ٢٤١].
والقضية تدور على عدة محاور، فإما ألا يكون هناك أي تمتيع للمطلقة، وهذا له آثاره السلبية وبخاصة على المطلقة التي ستسقبل حياة جديدة، تحتاج إلى تخفيف وقع الطلاق وأثره حسيا ومعنويا، وإما أن يكون هناك تمتيع مغلظ، وهذا فيه إثقال على الزوج المطلق، وإما أن تكون هناك متعة يراعي فيها ظروف الزوج وإمكاناته مع عدم إهمال حق المطلقة في المتعة، وهذا هو الأمر الوسط الذي أقره القرآن، وأصبح شرعا من لدن حكيم عليم(١).
ومن وسطية القرآن في أحكام الطلاق أنها جاءت مرنة وعامة إلى آخر حدود العموم والمرونة، ومن ثم كانت صالحة لكل عصر، ولكل مصر، ولم تكن في حاجة إلى التعديل أو التبديل، ولقد أثبت ذلك الزمن نفسه حيث مر على هذه النصوص أكثر من ثلاثة عشر قرنا وهي لا تزال على ما كانت عليه يوم نزولها من الجدة والصلاحية والسمو.

(١) انظر: الوسطية في ضوء القرآن (١٦٥).


الصفحة التالية
Icon