وأخيرا فهو نظام يضمن تفتيت الثروة المجتمعية، على رأس كل جيل، وإعادة توزيعها من جديد، فلا يدع مجالا لتضخم الثروة وتكدسها في أيد قليلة ثابتة –كما يقع في الأنظمة التي تجعل الميراث لأكبر ولد ذكر- أو تحصره في طبقات قليلة- وهو في هذه الناحية أداة متجددة الفاعلية في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة، ورده إلى الاعتدال، دون تدخل مباشر من السلطات هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النفس البشرية بطبيعة ا ركب فيها من الحرص والشح، فأما هذا التفتيت المستمر والتوزيع المتجدد، فيتم والنفس به راضية، لأنه يماشي فطرته وحرصها وشحها! وهذا هو الفارق الأصيل بين تشريع الله لهذه النفس وتشريع الناس)(١).
وبهذا يتضح منهج القرآن في وسطيته في أحكام الميراث.
المبحث السابع
وسطية في القرآن في اليمين وكفارته
قال تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة: ٢٢٥].
وفي قوله تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُّؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانََ) [المائدة: ٨٩].
وموضوع الحنث في اليمين، إما أن يكون فيه كفارة بإطلاق، أو لا يكون فيه كفارة بإطلاق، أو التفصيل.
والأمر الأول: فيه من المشقة والعسر ما لا يخفى.
والأمر الثاني: يؤدي إلى الاستهانة باليمين، وهو قادح من قوادح الإيمان.
أما التفصيل: وهو التفريق بين لغو اليمين الذي يصعب التحرز منها، فهذا معفو عنه، أما ما عداه ففيه الكفارة الشرعية صيانة لليمين والقسم، هذا هو الأمر الوسط، فلا إفراط فيه ولا تفريط.
أما في بيان كفارة اليمين:

(١) في ظلال القرآن (١/٥٩٦-٥٩٧).


الصفحة التالية
Icon