الموضع الرابع: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) [البقرة: ٢٧٨-٢٧٩].
خاطب الله المؤمنين بأشرف صفاتهم وهو الإيمان ليحملهم ذلك على تقوى الله وترك ما بقي لهم من الربا قبل التحريم وفي هذا الأمر تحريما مؤبدا مؤكدًا، وإنذارا قطع كل الأعذار.
وبهذا تتضح وسطية القرآن في التشريع في باب التدرج عند التحريم لشيء اعتاد الأفراد عليه أو ألفوه في المجتمع فالتدرج في التحريم وسط بين التحريم الفوري الذي لا ينسجم مع نفوس الناس وفطرتهم وما اعتادوه وبين الإفراد وهو ترك الناس على ما اعتادوه من فساد وحرام لا يليق مع البشر السوى.
خلاصة الجزء الثالث
إن معنى العبادة في اللغة الطاعة ومعنى التعبد في اللغة التنسك والتذلل.
إن معنى العبادة في الشرع: خضوع وحب، والعبادة المأمور بها العبد تتضمن معنى الذل والخضوع لله، ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له.
إن دعائم العبادة التي تنظم أعمال الإنسان القلبية، والعملية الفردية والجماعية: المحبة والخوف والرجاء.
إن منهج التفريط في العبادة مثله اليهود حتى أصبحت القيم المادية محور الحياة، وأصبح الإنسان في نظر اليهود آلة تحرك، ومعدة تهضم، وكائن يلهو، وتعلقوا بالدنيا غاية التعلق وحرصوا عليها حتى ولو كانت حياة البهائم ونحوها.
إن منهج الإفراط والغلو في العبادة ابتدعته النصارى فحرموا الزواج، وكبتوا الغرائز، ومنعوا الزينة والطيبات من الرزق.


الصفحة التالية
Icon