وقد تقدم الكلام على أقسام ماذا، وهي ههنا تحتمل وجهين من تلك الأقسام. أحدهما: أن تكون ما استفهاماً في موضع رفع بالابتداء، وذا بمعنى الذي خبر عن ما. وأراد صلة لذا الموصولة والعائد محذوف، إذ فيه شروط جواز الحذف، والتقدير ما الذي أراده الله. والثاني: أن تكون ماذا كلها استفهاماً، وتركيب ذا مع ما، وتكون مفعولاً بإرادة التقدير، أي شيء أراده الله، وهذان الوجهان فصيحان. قال ابن عطية: واختلف النحويون في ماذا فقيل: هي بمنزلة اسم واحد بمعنى أي شيء أراد الله، وقيل: ما اسم وذا اسم آخر بمعنى الذي، فما في موضع رفع بالابتداء وذا خبره. انتهى كلام ابن عطية، وظاهره اختلاف النحويين في ماذا هنا وليس كذلك، إذ هما وجهان سائغان فصيحان في لسان العرب وليست مسألة خلاف عند النحويين، بل كل من شدا طرفاً من علم النحو يجوز هذين الوجهين في ماذا هنا، وكذا كل من وقفنا على كلامه من المفسرين والمعربين ذكروا الوجهين في ماذا هنا. وانتصاب مثلاً على التمييز عند البصريين، أي من مثل، وأجاز بعضهم نصبه على الحال من اسم الإشارة، أي متمثلاً به، والعامل فيه اسم الإشارة، وهو كقولك لمن حمل سلاحاً رديئاً: ماذا أردت بهذا سلاحاً، فنصبه من وجهين: التمييز والحال من اسم الإشارة. وأجاز بعضهم أن يكون حالاً من الله تعالى، أي متمثلاً. وأجاز الكوفيون أن يكون منصوباً على القطع، ومعنى هذا أنه كان يجوز أن يعرب بإعراب الاسم الذي قبله، فإذا لم تتبعه في الإعراب وقطعته عنه نصب على القطع، وجعلوا من ذلك.
وعالين قنوانا من البسر أحمرا