﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَتًا فَأَحْيَكُمْ﴾ ﴿كيف﴾ : قد تقدم أنه اسم استفهام عن حال، وصحبه معنى التقرير والتوبيخ، فخرج عن حقيقة الاستفهام. وقيل: صحبه الإنكار والتعجب، والواو في قوله: ﴿وكنتم أمواتاً فأحياكم﴾ : واو الحال، نحو قوله تعالى: ﴿وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمة﴾ (يوسف: ٤٥)، ونادى نوح ابنه وكان في معزل} (هود: ٤٢). قال الزمخشري: فإن قلت فكيف صح أن يكون حالاً، وهو ماض؟ ولا يقال: جئت وقام الأسير، ولكن: وقد قام، إلا أن يضمر قد. قلت: لم تدخل الواو على كنتم أمواتاً وحده، ولكن على جملة قوله: كنتم أمواتاً إلى ترجعون، كأنه قيل: كيف تكفرون بالله وقصتكم هذه وحالكم أنكم كنتم أمواتاً نطفاً في أصلاب آبائكم فجعلكم أحياء؟ ثم يميتكم} بعد هذه الحياة؟ ﴿ثم يحييكم﴾ بعد الموت ثم يحاسبكم؟ انتهى كلامه. ونحن نقول: إنه على إضمار قد، كما ذهب إليه أكثر الناس، أي وقد كنتم أمواتاً فأحياكم. والجملة الحالية عندنا فعلية. وأما أن نتكلف ونجعل تلك الجملة اسمية حتى نفر من إضمار قد، فلا نذهب إلى ذلك، وإنما حمل الزمخشري على ذلك اعتقاده أن جميع الجمل مندرجة في الحال، ولذلك قال: فإن قلت، بعض القصة ماض وبعضها مستقبل، والماضي والمستقبل كلاهما لا يصح أن يقع حالاً حتى يكون فعلاً حاضراً وقت وجود ما هو حال عنه، فما الحاضر الذي وقع حالاً؟ قلت: هو العلم بالقصة، كأنه قيل: كيف تكفرون وأنتم عالمون بهذه القصة، وبأولها وبآخرها؟ انتهى كلامه.
ولا يتعين أن تكون جميع الجمل مندرجة في الحال، إذ يحتمل أن يكون الحال قوله: ﴿وكنتم أمواتاً فأحياكم﴾.


الصفحة التالية
Icon