وإذ: ظرف كما سبق فقيل بزيادتها. وقيل: العامل فيها فعل مضمر يشيرون إلى ادكر. وقيل: هي معطوفة على ما قبلها، يعني قوله: ﴿وإذ قال ربك﴾ (البقرة: ٣٠) }، ويضعف الأول بأن الأسماء لا تزاد، والثاني أنها لازم ظرفيتها، والثالث لاختلاف الزمانين فيستحيل وقوع العامل الذي اخترناه في إذ الأولى في إذ هذه. وقيل: العامل فيها أبى، ويحتمل عندي أن يكون العامل في إذ محذوف دل عليه قوله: ﴿فسجدوا﴾، تقديره: انقادوا وأطاعوا.
وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وسليمان بن مهران: بضم التاء ﴿للملائكةُ﴾، اتباعاً لحركة الجيم ونقل أنها لغة أزدشنوءة. قال الزجاج: هذا غلط من أبي جعفر، وقال الفارسي: هذا خطأ، وقال ابن جني: لأن كسرة التاء كسرة إعراب، وإنما يجوز هذا الذي ذهب إليه أبو جعفر، إذا كان ما قبل الهمزة ساكناً صحيحاً نحو: ﴿وقالت اخرج﴾ (يوسف: ٣١) }. وقال الزمخشري: لا يجوز لاستهلاك الحركة الإعرابية بحركة الاتباع إلا في لغة ضعيفة كقولهم: ﴿الحمد لله﴾، انتهى كلامه. وإذا كان ذلك في لغة ضعيفة، وقد نقل أنها لغة أزدشنوءة، فلا ينبغي أن يخطأ القارىء بها ولا يغلط، والقارىء بها أبو جعفر، أحد القراء المشاهير الذين أخذوا القرآن عرضاً عن عبد الله بن عباس وغيره من الصحابة، وهو شيخ نافع بن أبي نعيم، أحد القراء السبعة، وقد علل ضم التاء لشبهها بألف الوصل، ووجه الشبه أن الهمزة تسقط في الدرج لكونها ليست بأصل، والتاء في الملائكة تسقط أيضاً لأنها ليست بأصل. ألا تراهم قالوا: الملائك؟ وقيل: ضمت لأن العرب تكره الضمة بعد الكسرة لثقلها.
﴿فَسَجَدُواْ﴾ واللام في لآدم للتبيين، وهو أحد المعاني السبعة عشر التي ذكرناها عند شرح ﴿الحمد لله﴾. ﴿إلا إبليس﴾ : هو مستنثى من الضمير في ﴿فسجدوا﴾، وهو استثناء من موجب في نحو هذه المسألة فيترجح النصب، وهو استثناء متصل عند الجمهور.
وقيل: هو استثناء منقطع.


الصفحة التالية
Icon