﴿ولا يأتون﴾ جواب القسم المحذوف قبل اللام الموطئة في ﴿لئن﴾ وهي الداخلة على الشرط كقوله ﴿لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم﴾ فالجواب في نحو هذا للقسم المحذوف لا للشرط، ولذلك جاء مرفوعاً. فأما قول الأعشى:
لئن منيت بنا عن غب معركةلأتلفنا عن دماء القوم ننتفل فاللام في ﴿لئن﴾ زائدة وليست موطئة لقسم قبلها. فلذلك جزم في قوله لأتلفنا وقد احتج بهذا ونحوه الفراء في زعمه أنه إذا اجتمع القسم والشرط وتقدم القسم ولم يسبقهما ذو خبر أنه يجوز أن يكون الجواب للقسم وهو الأكثر وللشرط، ومذهب البصريين يحتم الجواب للقسم خاصة.
وقال الزمخشري: ﴿ولا يأتون﴾ جواب قسم محذوف، ولولا اللام الموطئة لجاز أن تكون جواباً للشرط. كقوله.
يقول لا غائب مالي ولا حرم
لأن الشرط وقع ماضياً انتهى. يعني بالشرط قوله وهو صدر البيت
وإن أتاه خليل يوم مسألة
فأتاه فعل ماض دخلت عليه أداة الشرط فخلصته للاستقبال، وأفهم كلام الزمخشري أن يقول: وإن كان مرفوعاً هو جواب الشرط الذي هو وإن أتاه، وهذا الذي ذهب إليه هو مخالف لمذهب سيبويه ولمذهب الكوفيين والمبرد، لأن مذهب سيبويه في مثل هذا التركيب وهو أن يكون فعل الشرط ماضياً وبعده مضارع مرفوع أن ذلك المضارع هو على نية التقديم وجواب الشرط محذوف، ومذهب الكوفيين والمبرد أنه الجواب لكنه على حذف الفاء، ومذهب ثالث وهو أنه هو جواب الشرط وهو الذي قال به الزمخشري.
الظاهر أن مفعول ﴿صرفنا﴾ محذوف تقديره البينات والعبر و ﴿من﴾ لابتداء الغاية. وقال ابن عطية: ويجوز أن تكون مؤكدة زائدة التقدير ولقد ﴿صرفنا﴾ ﴿كل مثل﴾ انتهى. يعني فيكون مفعول ﴿صرفنا﴾ ﴿كل مثل﴾ وهذا التخريج هو على مذهب الكوفيين والأخفش لا على مذهب جمهور البصريين.
(أنتصب ﴿خلالها﴾ على الظرف).


الصفحة التالية
Icon