وهي أقصر سور القرآن عدد كلمات وعدد حروف، وأما في عدد الآيات فسورة العصر وسورة النصر مثلها ولكن كلماتها أكثر.. (١)
تسميتها :
سميت سورة الكوثر لافتتاحها بقول اللَّه تعالى مخاطبا نبيه - ﷺ - : إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي الخير الكثير الدائم في الدنيا والآخرة، ومنه : نهر الكوثر في الجنة.
مناسبتها لما قبلها :
وصف اللَّه الكفار والمنافقين الذين يكذبون بالدين أي بالجزاء الأخروي بأربع صفات : البخل في قوله : يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ وترك الصلاة في قوله : الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. والرياء أو المراءاة في الصلاة في قوله : الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ ومنع الخير والزكاة في قوله : وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ. (٢)
وذكر اللَّه تعالى في هذه السورة في مقابلة تلك الصفات الأربع صفات أربعا للنبي - ﷺ -، فذكر أنه أعطاه الكوثر في مقابلة البخل في قوله : إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي الخير الكثير الدائم، فأعط أنت الكثير ولا تبخل، وأمره بالمواظبة على الصلاة : فَصَلِّ أي دم على الصلاة في مقابلة ترك الصلاة، وأمره بالإخلاص في الصلاة في قوله : فَصَلِّ لِرَبِّكَ أي لرضا ربك، لا لمراءاة الناس، في مقابلة المراءاة في الصلاة، وأمره بالتصدق بلحم الأضاحي على الفقراء، في مقابلة منع الماعون (٣).
وقال الخطيب :" فى سورة « الماعون »، توعد اللّه الذين لا يقيمون الصلاة، ولا يؤدّون الزكاة لأنهم مكذبون بالدين، غير مؤمنين بالبعث والحساب، والجزاء ـ توعد اللّه سبحانه هؤلاء، بالويل والهلاك، والعذاب الشديد فى نار جهنم..
وفى مقابل هذا، جاءت سورة الكوثر تزفّ إلى سيد المؤمنين باللّه واليوم الآخر، هذا العطاء الجزيل، وذلك الفضل الكبير من ربه.. ومن هذا العطاء، وذلك الفضل، ينال كلّ مؤمن ومؤمنة نصيبه من فضل اللّه، وعطائه على قدر ما عمل.. " (٤)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الكوثر مكية، وقد تحدثت عن فضل الله العظيم على نبيه الكريم، بإعطائه الخير الكثير، والنعم العظيمة في الدنيا والآخرة، ومنها [ نهر الكوثر ] وغير ذلك من الخير العظيم
(٢) - انظر تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٥١)
(٣) - تفسير الرازي : ٣٢/ ١١٧
(٤) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٨٩)