الذنب، وقد شاع البتر في ذلك، وبعض العلماء يفسر الصلاة بصلاة العيد، والنحر بالأضحية فقط، وليس هذا بسديد. (١)
التفسير والبيان :
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي منحناك الخير الكثير البالغ في الكثرة إلى النهاية أو الغاية، ومنه نهر في الجنة، جعله اللَّه كرامة لرسول اللَّه - ﷺ - ولأمته.
وهذا رد على الأعداء الذين استخفوا به واستقلوه، ووصف مناقض لما عليه أهل الكفر والنفاق من البخل.
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك نهر الكوثر، فداوم على صلاتك المفروضة والنافلة، وأدّها خالصة لوجه ربك، وانحر ذبيحتك وأضحيتك وما هو نسك لك وهو الهدي (شاة أو بعير مقدّم للحرم) وغير ذلك من الذبائح للَّه تعالى وعلى اسم اللَّه وحده لا شريك له، فإنه هو الذي تعهدك بالتربية وأسبغ عليك نعمه دون سواه، كما جاء في آية أخرى آمرا له : قُلْ : إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام ٦/ ١٦٢- ١٦٣].
وهذا على نقيض فعل المشركين الذين كانوا يصلون لغير اللَّه، وينحرون لغير اللَّه، فأمر نبيه - ﷺ - أن تكون صلاته ونحره له، وهو أيضا نقيض فعل المنافقين المراءين.
وقال قتادة وعطاء وعكرمة : المراد صلاة العيد، ونحر الأضحية.
قال ابن كثير : الصحيح أن المراد بالنحر ذبح المناسك، ولهذا جاء عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - ﷺ - يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ « مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَلاَ نُسُكَ لَهُ ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّى نَسَكْتُ شَاتِى قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِى أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِى بَيْتِى، فَذَبَحْتُ شَاتِى وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِىَ الصَّلاَةَ. قَالَ « شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَيْنِ، أَفَتَجْزِى عَنِّى قَالَ « نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ » (٢).
(٢) - صحيح البخارى(٩٥٥ )
الجَذعة : ما استكمل سنة ولم يدخل فى الثانية -الجَذعة : ما استكمل سنة ولم يدخل فى الثانية - العناق : الأنثى من ولد المعز أتى عليها أربعة أشهر