فتح مكة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)
المفردات :
رقم الآية... الكلمة... معناها
١... نَصْرُ اللهِ... نصر النبي - ﷺ - على أعدائه
١... الفَتْحُ... فتح مكة
٢... فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا... في الإسلام جماعات جماعات
٣... فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ... نزه ربك عن الشرك مع الحمد
٣... وَاسْتَغْفِرْهُ... اطلب منه المغفرة والتوبة
٣... تَوَّابًا... يقبل توبة عباده...
المعنى الإجمالي:
كان المؤمنون أيام قلتهم وفقرهم وكثرة عدد عدوهم وقوته، يمر الضجر بنفوسهم ويقضّ مضاجعهم، وكان رسول اللّه - ﷺ - يحزن ويضيق صدره، لتكذيب قومه له على وضوح الحق وسطوع البرهان، كما قال تعالى مخاطبا رسوله :«فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً » وقال :« فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ » وقال :« قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ. فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ». وفى هذا القلق والضجر استبطاء لنصر اللّه للحق الذي بعث به نبيّه، بل فيه سهو عن وعد اللّه بتأييد دينه، كما جاء فى قوله :« وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ » ؟
هذا الضجر ليس بنقص يعاب به النبي - ﷺ -، لكن اللّه يعدّه على أقرب عباده إليه، كما قالوا : حسنات الأبرار سيئات المقربين، وقد يراه النبي - ﷺ - إذا رجع إلى نفسه وخرج من غمرة شدته ذنبا يتوب إلى اللّه منه ويستغفره، ومن ثم ورد الأمر الإلهى بالاستغفار مما كان منه من حزن وضجر فى أوقات الشدة حين يجىء الفتح والنصر. (١)
كان النبي - ﷺ - شديد الحرص على إيمان الناس وخاصة قريش والعرب، والنبي كبشر لا يعلم الغيب ولذا كان قلقا ضجرا بعض الشيء على الدعوة، فأتت هذه السورة تبشره وتذكره بأن هذا
(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٥٧)


الصفحة التالية
Icon