* ثم تناولت السورة (فرعون، الطاغية الجبار، الذي ادعى الربوبية وتمادى في الجبروت والطغيان، فقصمه الله، واهلكه بألغرق هو وقومه الأقباط [ هل أتاك حدبث موسى، إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى، اذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن طغيان أهل مكة وتمردهم على رسول الله ( - ﷺ - ) وذكرتهم بأنهم أضعف من كثير من مخلوقات الله [ ءانتم أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ] الايات.
* وختمت السورة الكربمة ببيان وقت الساعة الذي استبعده المشركون وأنكروه، وكذبوا بحدوثه [ يسألونك عن الساعة أيان مرساها، فيم أنت من ذكراها، إلى ربك منتهاها، إنما أنت منذر من يخشاها، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها ].. (١)
في السورة توكيد رباني بتحقيق يوم البعث والحساب وما سوف يستولي على الكفار فيه من خوف وندم. وتذكير برسالة موسى إلى فرعون وموقف فرعون وما في ذلك من عبرة. وتدليل على قدرة اللّه على البعث والتنكيل بالكفار بما كان من مصير فرعون. وبمشاهد الكون وعظمة اللّه وبديع صنعه فيه. وتنديد بالكفار لشكهم في الآخرة وبيان إنذاري وتبشيري بمصير كل من المتقين والطاغين فيها.
ونظم السورة وترابط آياتها يسوغان القول إنها نزلت دفعة واحدة. (٢)
مقصودها بيان أواخر أمر الإنسان بالإقسام على بعث الأنام، ووقوع القيام يوم الزحام وزلل الأقدام، بعد البيان التام فيما مضى من هذه السور العظام، تنبيها على أنه وصل الأمر في الظهور إلى مقام ليس بعده مقام، وصور ذلك بنزع الأرواح بأيدي الملائكة الكرام، ثم أمر فرعون اللعين وموسى عليه السلام، واسمها النازعات واضح في ذلك المرام، إذا تؤمل القسم وجوابه المعلوم للأئمة الأعلام، وكذا الساهرة والطامة إذا تؤمل السياق، وحصل التدبير في تقرير الوفاق ) بسم الله ( الظاهر الباطن الملك العلام ) الرحمن ( الذيي عم بالإنعام ) الرحيم ( الذي خص أهل ولايته بالتمام، فاختصوا بالإكرام في دار السلام. (٣)
هذه السورة نموذج من نماذج هذا الجزء لإشعار القلب البشري حقيقة الآخرة، بهولها وضخامتها، وجديتها، وأصالتها في التقدير الإلهي لنشأة هذا العالم الإنساني، والتدبير العلوي لمراحل هذه النشأة وخطواتها على ظهر الأرض وفي جوفها؛ ثم في الدار الآخرة، التي تمثل نهاية هذه النشأة وعقباها.
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٥ / ٤١٠)
(٣) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٣٠٨)