فقال إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا إنها تعدل ثلث القرآن» «٤». وروى مسلم حديثا جاء فيه :«بعث النبي - ﷺ - رجلا على سريّة فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو اللّه أحد فلما رجعوا ذكر ذلك للنبي - ﷺ - فقال سلوه لأيّ شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن فأنا أحبّ أن أقرأ بها فقال رسول اللّه - ﷺ - أخبروه أنّ اللّه يحبّه» «١».
وروى الترمذي عن أنس قال :«كان رجل من الأنصار يؤمّهم في مسجد قباء فكان كلّما أمّهم في الصلاة قرأ بقل هو اللّه أحد ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كلّ ركعة فكلّمه أصحابه إمّا أن تقرأ بها وإمّا أن تدعها وتقرأ بسورة أخرى فقال ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمّكم بها فعلت وإن كرهتم تركت، وكانوا يرونه أفضلهم فلما أتاهم النبي - ﷺ - أخبروه الخبر فقال يا فلان ما يمنعك مما يأمرك به أصحابك وما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟ فقال : يا رسول اللّه إني أحبّها. فقال : إن حبّها أدخلك الجنة» «٢».
وروى الترمذي عن أبي هريرة قال :«أقبلت مع النبي - ﷺ - فسمع رجلا يقرأ قل هو اللّه أحد اللّه الصمد فقال رسول اللّه وجبت قلت وما وجبت قال الجنة» «٣».
وروى الترمذي عن أنس عن النبي - ﷺ - قال :«من قرأ كلّ يوم مائتي مرة قل هو اللّه أحد محي عنه ذنوب خمسين سنة إلّا أن يكون عليه دين» «٤». وروى الإمام أحمد عن أنس بسند حسن أن النبي - ﷺ - قال :«من قرأ قل هو اللّه أحد عشر مرات بنى اللّه له بيتا في الجنة» «٥». وروى النسائي عن معاذ بن عبد اللّه عن أبيه قال :«أصابنا عطش وظلمة فانتظرنا رسول اللّه - ﷺ - ليصلّي بنا فخرج فقال قل قلت ما أقول قال قل هو اللّه أحد والمعوّذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا يكفك كلّ شي ء» «٦».
حيث ينطوي في الأحاديث تنويه بفضل هذه السورة وحثّ على قراءتها من حكمتها المتبادرة ما انطوت فيه من إعلان الإيمان بوحدة اللّه التامة المنزّهة عن كل شائبة. (١)
مقصودها بيان الحقيقة الذات الأقدس ببيان اختصاصه بالاتصاف بأقصى الكمال للدلالة على صحيح الإعتقاد للإخلاص في التوحيد بإثبات الكمال، ونفي الشوائب النقص والاختلال، المثمر لحسن الأقوال والأفعال، وثبات اللجاء والاعتماد في جميع الأحوال، وعلى ذلك دل اسمها الإخلاص الموجب للخلاص، وكذا الأساس والمقشقشة، قال في القاموس : المقشقشتان الكافرون والإخلاص أي المبرئتان من النفاق والشرك كما يقشقش الهناء الجرب، الهناء : القطران، وقال الإمام عبد الحق في كتابه الواعي : كما يبرئ المريض من علته إذا برئ منها - انتهى. وهو مأخوذ من القش بمعنى الجمع، فسميتا بذلك لأنها تتبعنا النفاق بجميع أنواعه،

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٦٨)


الصفحة التالية
Icon