قال :« يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ.. » وهكذا. وقد عرضنا هذا الموضوع فى مبحث خاص، عند تفسير سورة « الجن ». " (١)
ما اشتملت عليه السورة :
سورة الفلق مكية، وفيها تعليم للعباد أن يلجأوا إلى حمى الرحمن، ويستعيذوا بجلاله وسلطانه، من شر مخلوقاته، ومن شر الليل إذا أظلم، لما يصيب النفوس فيه من الوحشة، ولإنتشار الأشرار والفجار فيه، ومن شر كل حاسد وساحر، وهي إحدى المعوذتين اللتين كان ( - ﷺ - ) يعوذ نفسه بهما. (٢)
في السورة تعليم رباني بالاستعاذة باللّه من أسباب المخاوف والهواجس في معرض تدعيم وحدة اللّه ونبذ ما سواه. وبعض الروايات تذكر أنها مكية وبعضها تذكر أنها مختلف في مكيتها ومدنيتها، ومعظم روايات ترتيب النزول تسلكها في سلك السور المكية المبكرة في النزول، وأسلوبها يسوغ ترجيح مكيتها وتبكير نزولها.
ولقد روى البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة قالت :«كان النبي - ﷺ - إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذتين وينفث فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها» «١». وروى البخاري عنها أيضا :«أن النبيّ - ﷺ - كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفّيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو اللّه أحد وقل أعوذ بربّ الفلق وقل أعوذ بربّ الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده. يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات» «٢». وروى مسلم والترمذي عن عقبة بن عامر قال :«قال رسول اللّه - ﷺ - : ألم تر آيات أنزلت عليّ الليلة لم ير مثلهنّ قطّ قل أعوذ بربّ الفلق وقل أعوذ بربّ الناس» «٣». وروى أبو داود والنسائي عن عقبة أيضا قال :«كنت أقود لرسول اللّه - ﷺ - في السفر ناقته فقال لي يا عقبة ألا أعلّمك خير سورتين قرئتا فعلّمني قل أعوذ بربّ الفلق وقل أعوذ بربّ الناس» «١». وروى الاثنان نفسهما عن عقبة كذلك قال :«بينا أنا أسير مع رسول اللّه - ﷺ - بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول اللّه - ﷺ - يتعوّذ بالمعوّذتين ويقول يا عقبة تعوّذ بهما فما تعوّذ متعوّذ بمثلهما قال وسمعته يؤمّنا بهما في الصلاة» «٢». وروى الترمذي بسند حسن عن عقبة أيضا قال :«أمرني رسول اللّه - ﷺ - أن أقرأ بالمعوّذتين في دبر كلّ صلاة» «٣».
(٢) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٣٨)