والمتبادر أن ما احتوته السورتان من بث السكينة والطمأنينة في النفس وتعليم اللجوء إلى اللّه تعالى وحده والاستعاذة به في ظروف المخاوف والأزمات النفسية المتنوعة من الحكمة المنطوية في الأحاديث، وهي حكمة مستمرة الفائدة لاستمرار دواعيها. (١)
سبب نزول المعوذتين :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَأُخِّذَ عَنِ النِّسَاءِ وَعَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ وَهُوَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا شَكْوُهُ ؟ قَالَ : طُبَّ، يَعْنِي سُحِرَ، قَالَ : وَمَنْ فَعَلَهُ ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ قَالَ : فَفِي أَيِّ شَيْءٍ جَعَلَهُ ؟، قَالَ : فِي طَلْعَةٍ، قَالَ : فَأَيْنَ وَضَعَهَا ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، قَالَ : فَمَا شِفِاؤُهُ ؟ قَالَ : تُنْزَحُ الْبِئْرُ، وَتُرْفَعُ الصَّخْرَةُ، وَتُسْتَخْرَجُ الطَّلْعَةُ، وَارْتَفَعَ الْمَلَكَانِ، فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ - ﷺ - إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعَمَّارٍ فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَأْتِيَا الرَّكِيَّ فَيَفْعَلَا الَّذِي سُمِعَ، فَأَتَيَاهَا وَمَاؤُهَا كَأَنَّهُ قَدْ خُضِبَ بِالْحِنَّاءِ، فَنَزَحَاهَا ثُمَّ رَفَعَا الصَّخْرَةَ فَأَخْرَجَا طَلْعَةٍ، فَإِذَا بِهَا إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، وَنَزَلَتْ هَاتَانِ السُّورَتَانِ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حَتَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ وَانْتَشَرَ نَبِيُّ اللَّهِ - ﷺ - لِلنِّسَاءِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ " (٢)
فضلهما :
عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فِي سَفَرٍ وَالنَّاسُ يَعْتَقِبُونَ، وَفِي الظَّهْرِ قِلَّةٌ، فَحَانَتْ نَزْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، وَنَزْلَتِي، فَلَحِقَنِي مِنْ بَعْدِي، فَضَرَبَ مَنْكِبَيَّ، فَقَالَ :" قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "، فَقُلْتُ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَقَرَأْتُهَا مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ :" قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ "، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَقَرَأْتُهَا مَعَهُ، قَالَ :" إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَاقْرَأْ بِهِمَا " (٣)
وعَنْ رَجُلٍ، قَالَ : كَانَ فِي مَسِيرٍ وَفِي الظُّهْرِ قِلَّةٌ وَالنَّاسُ يَعْتَقِبُونَ فَحَانَتْ نَزْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - وَنَزْلَتِي فَلَحِقَنِي مِنْ بَعْدِي فَضَرَبَ مَنْكِبَيَّ، وَقَالَ :" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقُلْتُ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَقَرَأْتُهَا مَعَهُ ثُمَّ قَالَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَقَرَأْتُهَا معه فقال :" إِذَا صَلَّيْتُ فَاقْرَأْ بِهِمَا ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَقْرَأَ بِمِثْلِهِمَا " (٤)
(٢) - الطَّبَقَاتُ الْكُبْرَى لِابْنِ سَعْدٍ (١٧٩٢) ضعيف
(٣) - مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (١٩٨٨٥ ) صحيح
(٤) - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي(٦٦٣٦) صحيح