التهديد بقصة موسى عليه السلام مع فرعون
قال تعالى :
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٢٦)
المناسبة :
بعد أن حكى اللّه تعالى عن الكفار إصرارهم على إنكار البعث، واستهزاءهم في قولهم : تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ وكان ذلك يشق على النبي محمد - ﷺ -، ذكر له قصة موسى عليه السلام مع فرعون الطاغية، حيث تحمل المشقة الكثيرة في دعوة فرعون، ليكون ذلك كالتسلية للرسول - ﷺ - عن تكذيب قومه وشدة عنادهم وإعراضهم عن دعوته. كما يكون ذلك تهديدا للكفار بأن يصيبهم مثل ما أصاب من هو أقوى وأعتى وأشد شوكة وأكثر جمعا، فإن أصروا على كفرهم، واستمروا في تمردهم أخذهم اللّه، وجعلهم نكالا وعبرة، كما جاء في آية أخرى : فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ، إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، قالُوا : لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً، فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [فصّلت ٤١/ ١٣- ١٤].
المفردات :
١٦... طُوًى... اسم للوادي المقدس
١٧... طَغَى... جاوز الحد بادعائه الربوبية والألوهية
١٨... تَزَكَّى... تتطهر
٢٠... الآيَةَ الكُبْرَى... العصا واليد البيضاء
٢٢... يَسْعَى... يجمع جنوده
٢٣... فَحَشَرَ... جمع السحرة والجنود
٢٥... نَكَالَ... عقوبةٌ و جزاء
المعنى الإجمالي:
بعد أن حكى عن كفار مكة إصرارهم على إنكارهم البعث وتماديهم فى العتو والطغيان واستهزاءهم بالرسول - ﷺ -، وكان ذلك يشق عليه، ويصعب على نفسه، ذكر له قصص موسى مع فرعون طاغية مصر، وبين له أنه قد بلغ فى الجبروت حدّا لم يبلغه قومك، فقد ادعى الألوهية وألبّ قومه على موسى، وكان موسى مع هذا كله يحتمل المشاق العظام فى دعوته