العظة حجاب. حتى يصطدم بالعاقبة اصطداماً. وحتى يأخذه الله نكال الآخرة والأولى. وكل ميسر لنهج، وكل ميسر لعاقبة. والعبرة لمن يخشى.. (١)
ما ترشد إليه الآياتُ
١- تسلية الداعي إلى الله تعالى وحمله على الصبر في دعوته حتى ينتهي بها إلى غاياتها.
٢- إثبات مناجاة موسى لربّه تعالى وأنه كلمه ربّه كفاحاً بلا واسطة.
٣- تقرير أن لا تزكية للنفس البشرية إلا بالإِسلام أي بالعمل بشرائعه
٤- لا تحصل الخشية من الله للعبد إلا بعد معرفة الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء.
٥- وجود المعجزات لا يستلزم الإِيمان فقد رأى فرعون أعظم الآيات كالعصا واليد وما آمن.
٦- التنديد والوعيد الشديد لمن يدعي الربوبية والألوهية فيأمر الناس بعبادته.
٧- إن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وجنوده عبرة لمن اعتبر، وعظة لمن اتعظ، فقد أرسله اللّه إليه، وأيّده بالمعجزات، ومع هذا استمر فرعون في كفره وطغيانه، فانتقم اللّه منه انتقاما شديدا، وأغرقه وجنوده في البحر الأحمر. وفي القصة تسلية للنبي - ﷺ - عما يلاقيه من صدود قومه، وتحذير للكفار المتمردين والعتاة المتجبرين بإنزال عقاب مماثل إن استمروا في كفرهم وعتوهم وإعراضهم عن قبول دعوة الإسلام.
فلقد كان فرعون أقوى من كفار أي عصر، فإنه تجاوز الحدّ في العصيان، وأبى قبول دعوة موسى إلى تطهير نفسه من الذنوب والمآثم والكفر، ولم يقبل ما أرشده إليه من طاعة ربّه، ولم يصدّق بمعجزته وهي انقلاب العصا حية، أو اليد البيضاء تبرق كالشمس، وكذّب نبوته وعصى ربّه عزّ وجلّ، وولّى مدبرا معرضا عن الإيمان، ساعيا في الأرض بالفساد، وقال لقومه بصوت عال : أنا ربّكم الأعلى، أي لا ربّ لكم فوقي. ولكنه مع كل هذا لم يعجز اللّه القوي القادر القاهر، فأهلكه اللّه في الدنيا مع جنوده بالغرق، وسيعذبه في الآخرة بنار جهنم.
٨- إن في هذه القصة، وما أحل اللّه بفرعون من الخزي، وتحقيق العلو والنصر لموسى عليه السلام، لاعتبارا وعظة لمن يخاف اللّه عزّ وجلّ، ففيها بيان العقاب العادل وأسبابه ومسوغاته، وبها يتبين لكل عاقل ضرورة أن يدع التمرد على اللّه تعالى، والتكذيب لأنبيائه، خوفا من أن ينزل به ما نزل بفرعون وجنوده. كما عليه أن يعلم بأن اللّه تعالى ينصر أنبياءه ورسله.
فمن ارتكب ما يوجب العقاب من مثل ذلك قولا وفعلا، اشترك في العقاب نفسه في الدنيا والآخرة.
- - - - - - - - - - -