في بعض مظاهرها المكشوفة للجميع، الصالحة لأن يخاطب بها كل إنسان، في كل بيئة وفي كل زمان، فلا تحتاج إلى درجة من العلم والمعرفة، تزيد على نصيب الإنسان حيث كان. حتى يعم الخطاب بالقرآن لجميع بني الإنسان في جميع أطوار الإنسان، في جميع الأزمان.
ووراء هذا المستوى آماد وآفاق أخرى من هذه الحقيقة الكبرى. حقيقة التقدير والتدبير في تصميم هذا الكون الكبير. واستبعاد المصادفة والجزاف استبعاداً تنطق به طبيعة هذا الكون، وطبيعة المصادفة التي يستحيل معها تجمع كل تلك الموافقات العجيبة.
هذه الموافقات التي تبدأ من كون المجموعة الشمسية التي تنتمي إليها أرضنا هي تنظيم نادر بين مئات الملايين من المجموعات النجمية. وأن الأرض نمط فريد غير مكرر بين الكواكب بموقعها هذا في المنظومة الشمسية. الذي يجعلها صالحة للحياة الإنسانية. ولا يعرف البشر حتى اليوم كوكباً آخر تجتمع له هذه الموافقات الضرورية. وهي تعد بالآلاف!
« ذلك أن أسباب الحياة تتوافر في الكوكب على حجم ملائم، وبعد معتدل، وتركيب تتلاقى فيه عناصر المادة على النسبة التي تنشط فيها حركة الحياة ».
« لا بد من الحجم الملائم، لأن بقاء الجو الهوائي حول الكوكب يتوقف على ما فيه من قوة الجاذبية. »
« ولا بد من البعد المعتدل لأن الجرم القريب من الشمس حار لا تتماسك فيه الأجسام، والجرم البعيد من الشمس بارد لا تتخلخل فيه تلك الأجسام ».
« ولا بد من التركيب الذي تتوافق فيه العناصر على النسبة التي تنشط بها حركة الحياة، لأن هذه النسبة لازمة لنشأة النبات ونشأة الحياة التي تعتمد عليه في تمثيل الغذاء ».
« وموقع الأرض حيث هي أصلح المواقع لتوفير هذه الشروط التي لا غنى عنها للحياة، في الصورة التي نعرفها، ولا نعرف لها صورة غيرها حتى الآن ».
وتقرير حقيقة التدبير والتقدير في تصميم هذا الكون الكبير، وحساب مكان للإنسان فيه ملحوظ في خلقه وتطويره أمر يعد القلب والعقل لتلقي حقيقة الآخرة وما فيها من حساب وجزاء باطمئنان وتسليم.
فما يمكن أن يكون هذا هو واقع النشأة الكونية والنشأة الإنسانية ثم لا تتم تمامها، ولا تلقى جزاءها. ولا يكون معقولاً أن ينتهي أمرها بنهاية الحياة القصيرة في هذه العاجلة الفانية. وأن يمضي الشر والطغيان والباطل ناجياً بما كان منه في هذه الأرض. وأن يمضي الخير والعدل والحق بما أصابه كذلك في هذه الأرض.. فهذا الفرض مخالف في طبيعته لطبيعة التقدير والتدبير الواضحة في تصميم الكون الكبير.. ومن ثم تلتقي هذه الحقيقة التي لمسها السياق في