منهم يومئذ شأن يغنيه، وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة، أولئك هم الكفرة الفجرة }..
إن استعراض مقاطع السورة وآياتها على هذا النحو السريع يسكب في الحس إيقاعات شديدة التأثير. فهي من القوة والعمق بحيث تفعل فعلها في القلب بمجرد لمسها له بذاتها.
وسنحاول أن نكشف عن جوانب من الآماد البعيدة التي تشير إليها بعض مقاطعها مما قد لا تدركه النظرة الأولى. (١)
سبب النزول :
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ : أُنْزِلَتْ : عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، قَالَتْ : أَتَى النَّبِيَّ - ﷺ - فَجَعَلَ يَقُولُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرْشِدْنِي، قَالَتْ : وَعِنْدَ النَّبِيِّ - ﷺ - رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - ﷺ - يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، فقَالَ النَّبِيُّ - ﷺ - :" يَا فُلَانُ أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا " فَيَقُولُ : لَا، فَنَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى " صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ (٢)
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : أُنْزِلَتْ عَبْسَ وَتَوَلَّى فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَقَالَتْ : أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فَجَعَلَ يَقُولُ : أَرْشِدْنِي، قَالَتْ : وَعِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَتْ : فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ :" أَتَرَى مَا أَقُولُ بَأْسًا " فَيَقُولُ :" لَا " فَفِي هَذَا أُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى " الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (٣)
وعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهِيَ تَقْطَعُ لَهُ أَنْزَجًا بِعَسَلٍ وَتُطْعِمُهُ، قَالَ : فَقِيلَ لَهَا، فَقَالَتْ :" مَا زَالَ تُرادُ هَذَا بِهِ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - مُنْذُ عَاتَبَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ - ﷺ - " شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (٤)
وعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهِيَ تُقَطِّعُ لَهُ الْأُتْرُجَّ يَأْكُلُهُ بِعَسَلٍ فَقَالَتْ :" مَا زَالَ هَذَا لَهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ - ﷺ - مُنْذُ عَاتَبَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ - ﷺ -، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نُزُولَ سُورَةِ عَبَسَ وَتَوَلَّى " الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (٥)
وعَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ مَكْفُوفٌ تُقَطِّعُ لَهُ الْأُتْرُجَّ، وَتُطْعِمُهُ إِيَّاهُ بِالْعَسَلِ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَتْ : هَذَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الَّذِي عَاتَبَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ - ﷺ -

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٨٢١)
(٢) - صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ (٥٣٦ ) صحيح
(٣) - الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (٣٨٥٧ ) صحيح
(٤) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ(٧٩٥٢ ) صحيح
(٥) - الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (٦٧٤٦) صحيح لغيره


الصفحة التالية
Icon