بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ فِيكُمْ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " (١)
وَعَنْ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ : نَسَخَ عُمَرُ كِتَابًا مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَلَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ ; فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ". رَوَاهُ الْبَزَّارُ (٢)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَن شَيْءٍ فَتُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَيَضِلُّونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلاَّ فِي قَلْبِهِ تَالِيَةٌ تَدْعُوهُ إلَى دَيْنِهِ كَتَالِيَةِ الْمَالِ. (٣)
قال ابن بطال عن المهلب :"هذا النهي في سؤالهم عما لا نص فيه ؛ لأن شرعنا مكتفٍ بنفسه، فإذا لم يوجد فيه نص، ففي النظر والاستدلال غنىً عن سؤالهم، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا، والأخبار عن الأمم السالفة (٤)
تشديد سيدنا عمر على من كان يكتب شيئًا من كتب اليهود :
وقد كانت مقالة النبي - ﷺ - لعمر، وغضبه لكتابته شيئا من التوراة درسا تعلم منه سيدنا عمر، ومنهجا أخذ الناس به.
عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ إِذْ أُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ مَسْكَنُهُ بِالسُّوسِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَنْتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْعَبْدِيُّ ؟ قَالَ : نَعَمْ، قَالَ : أَنْتَ النَّازِلُ بِالسُّوسِ ؟ قَالَ : نَعَمْ، فَضَرَبَهُ بِقَنَاةٍ مَعَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ : مَالِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : اجْلِسْ فَجَلَسَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣) [يوسف : ١ - ٣] ﴾ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَضَرَبَهُ ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَالِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ ؟ قَالَ : مُرْنِي بِأَمْرِكَ اتَّبِعْهُ، قَالَ : انْطَلِقْ فَامْحُهُ بِالْحَمِيمِ وَالصُّوفِ

(١) - مسند أحمد (١٥٥٤٦) حسن
(٢) - مجمع الزوائد ( ٨٠٩ ) ضعيف
(٣) - مصنف ابن أبي شيبة - (٩ / ٤٨) ( ٢٦٩٥٢) صحيح
(٤) - فتح الباري ج ١٣ ص ٢٨٤، ٢٨٥.


الصفحة التالية
Icon