الآخرة الرهيبة وبين ما يعقب ذلك من الحساب اليسير لأهل اليمين والحساب العسير لأهل الشمال.
وفي السورة المتقدمة ذكر مقر كتب الحفظة، وفي هذه ذكر كيفية عرضها يوم القيامة.
وقال الخطيب :" تعد هذه السورة، وما سبقها، وما يأتى بعدها، حديثا متصلا عن القيامة وأحداثها.. فكل سورة منها معرض من معارض هذا اليوم المشهود..
فإذا ذهبنا نلتمس مناسبة لترتيب هذه السور، كان ذلك أشبه بالتماس المناسبة بين ترتيب الآي فى السورة الواحدة.. والمناسبة هنا وهناك قائمة أبدا.." (١)
وقال البقاعي :
" مقصودها الدلالة على آخر المطففين من أن الأولياء ينعمون والأعداء يعذبون، لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث ولا بالعرض على الملك الذي أوجدهم ورباهم كما يعرض الملوك عبيدهم ويحكمون بينهم فينقسمون إلى أهل ثواب وأهل عقاب واسمها الانشقاق أدل دليل على ذلك بتأمل الظرف وجوابه الدلال على الناقد البصير وحسابه ) بسم الله ( ذي الجلال والإكرام ) الرحمن ( الذي كملت نعمته فشملت الخاص والعام ) الرحيم ( الذي أتمها بعد العموم على أوليائه فأسعدهم بإتمام الإنعام." (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الانشقاق مكية، وقد تناولت الحديث عن أهوال القيامة، كشأن سائر السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية
* ابتدأت السورة الكريمة بذكر بعض مشاهد الآخرة، وصورت الإنقلاب الذي يحدث في الكون عند قيام الساعة [ إذا السماء انشقت، وأذنت لربها وحقت، وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت، وأذنت لربها وحقت
* ثم تحدثت عن مصير الإنسان، الذي يكد ويتعب في تحصيل أسباب رزقه ومعاشه، ليقدم لآخرته ما يشتهي من صالح أو طالح، ومن خير أو شر، ثم هناك الجزاء العادل [ يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه، فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ] الآيات
* ثم تناولت موقف المشركين من هذا القرآن العظيم، وأقسمت بأنهم سيلقون الأهوال والشدائد ويركبون الأخطار والأهوال، في ذلك اليوم الرهيب العصيب، الذي لا ينفع فيه مال ولا ولد [ فلا أقسم بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق، لتركبن طبقا عن طبق ] الآيات

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٥٠٠)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٣٦٧)


الصفحة التالية
Icon