* وختمت السورة الكريمة بتوبيخ المشركين على عدم إيمانهم بالله، مع وضوح آياته وسطوع براهينه، وبشرتهم بالعذاب الأليم في دار الجحيم [ فما لهم لا يؤمنون، وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون، بل الذين كفروا يكذبون، والله أعلم بما يوعون، فبشرهم بعذاب أليم، إلا الذين آمنوآ وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون
قال الله تعالى :[ إذا السماء انشقت.. ] إلى قوله [ لهم أجر غير ممنون ] من آية ١ إلى آية ٢٥ نهاية السورة الكريمة. (١)
تبدأ السورة ببعض مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضت بتوسع في سورة التكوير، ثم عرضت بتوسع في سورة التكوير، ثم في سورة الانفطار. ومن قبل في سورة النبأ. ولكنها هنا ذات طابع خاص. طابع الاستسلام لله. استسلام السماء واستسلام الأرض، في طواعية وخشوع ويسر :﴿ إذا السماء انشقت، وأذنت لربها وحقت. وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت، وأذنت لربها وحقت ﴾..
ذلك المطلع الخاشع الجليل تمهيد لخطاب « الإنسان »، وإلقاء الخشوع في قلبه لربه. وتذكيره بأمره؛ وبمصيره الذي هو صائر إليه عنده. حين ينطبع في حسه ظل الطاعة والخشوع والاستسلام الذي تلقيه في حسه السماء والأرض في المشهد الهائل الجليل :﴿ يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه، فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً، وينقلب إلى أهله مسروراً، وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبوراً، ويصلى سعيراً. إنه كان في أهله مسروراً. إنه ظن أن لن يحور. بلى إن ربه كان به بصيراً ﴾..
والمقطع الثالث عرض لمشاهد كونية حاضرة، مما يقع تحت حس « الإنسان » لها إيحاؤها ولها دلالتها على التدبير والتقدير، مع التلويح بالقسم بها على أن الناس متقلبون في أحوال مقدرة مدبرة، لا مفر لهم من ركوبهم ومعاناتها :﴿ فلا أقسم بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق؛ لتركبن طبقاً عن طبق ﴾..
ثم يجيء المقطع الأخير في السورة تعجيباً من حال الناس الذين لا يؤمنون؛ وهذه هي حقيقة أمرهم، كما عرضت في المقطعين السابقين. وتلك هي نهايتهم ونهاية عالمهم كما جاء في مطلع السورة :﴿ فما لهم لا يؤمنون؟ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون؟ ﴾.. ثم بيان لعلم الله بما يضمون عليه جوانحهم وتهديد لهم بمصيرهم المحتوم :﴿ بل الذين كفروا يكذبون. والله أعلم بما يوعون. فبشرهم بعذاب أليم. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات. لهم أجر غير ممنون ﴾..